مقاربة الميثاق الجماعي 78.00
للتنمية المحلية
د. محمد الغالي، أستاذ باحث كلية الحقوق مراكش
عمل الميثاق الجماعي 78.00 من خلال مجموعة من الإصلاحات التي أتى بها في اتجاه تحقيق مجموعة من الأهداف السياسية، الاقتصادية و الاجتماعية التي تهدف إلى خدمة التنمية المحلية، و قد تمحورت هذه الإصلاحات حول اعتماد مقاربة جديدة في مسلسل تدبير الشأن العام المحلي،
و ترتكز على:
* اعتماد سياسة القرب أثناء تبني و تنفيذ المشاريع التنموية؛
* تدعيم الاستقلال الذاتي للجماعات المحلية، ماديا عبر خلق موارد مالية قارة و متجددة، إداريا عبر التخفيف من الوصاية المركزية و تطوير أساليب ممارستها بما يضمن مرونتها؛
* تحديث أساليب الرقابة الإدارية، المالية و القضائية؛
* عقلنة و تبسيط قواعد سير المجالس الجماعية بتوسيع و توضيح اختصاصاتها؛
* تطوير آليات التعاون و الشراكة.
يتضح من خلال هذه المحاور بأن التنمية المحلية ترتكز على ثلاث حوامل تكمن في:
1- الحامل البشري؛
2- الحامل القانوني السياسي؛
3- الحامل الموضوعي و المادي.
فكيف استطاع القانون 78.00 طرح هذه الحوامل الثلاث؟؛
و كيف ولف بينها فيما يساعد على تجاوز تحديات و رهانات التنمية المحلية؟؛
و ما هي حدود هذه الإصلاحات القانونية في تجاوز التركيبات الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية و السياسية المعقدة داخل بنية و نسيج النظام الجماعي المغربي؟
1- مقاربة الميثاق الجماعي للعامل البشري كحامل للتنمية:
يصنف الحامل البشري إلى إداري و سياسي :
فالحامل البشري الإداري يقصد به مختلف الموظفين و الأعوان أو المستخدمون الذين يسهرون على سير مختلف المصالح الإدارية للجماعة و يخضعون لأسلوب التعيين في مزاولة مهامهم؛
و الحامل البشري السياسي يقصد به المستشارون الجماعيون الذين يستمدون شرعية انتدابهم من الأمة مباشرة عبر أسلوب الانتخاب، و سنركز في هذا السياق على هذا الصنف الأخير.
نظرا للدور المركزي و المحدد الذي يلعبه المستشار الجماعي على صعيد التنمية من خلال مساهمته في مختلف مراحل صناعة القرار المحلي، مناقشة و تصويتا و مراقبة و تقييما و ذلك كما أقره الدستور من خلال الفصل 101 الذي ينص على : "تنتخب الجماعات المحلية مجالس تتكلف بتدبير شؤونها تدبيرا ديمقراطيا طبق شروط يحددها القانون.." ، فان الميثاق الجماعي 78.00 حمل مجموعة من الإصلاحات تعلقت بنظام المنتخب سواء على مستوى نظام التعويضات، الحقوق المعترف بها لممارسة الانتداب، الحماية و الضمانات الممنوحة لممارسة الانتداب.
1-1 تحسين نظام المنتخب:
يعد تحسين نظام المنتخب من أهم الركائز الأساسية لضمان أداء جيد للمرفق العمومي يتوافق و الرهانات التنموية المحلية المطروحة، و في هذا الاتجاه عمل الميثاق الجماعي من خلال المواد: 28-29- 30- 31 -32 -33- 34، على إقرار مجموعة من البنود تعلقت بالآتي:
ا) ضمان الحد الأدنى من المستوى التعليمي لتحمل المسؤولية المباشرة في إدارة شؤون المجلس.
أصبح من غير الجائز تولي مسؤولية رئاسة مجلس من المجالس الجماعية من طرف العضو الجماعي الذي لا يثبت توفره على مستوى تعليمي يعادل على الأقل مستوى نهاية الدروس الابتدائية ، و ذلك تفاديا للخروقات العديدة التي كانت تشوب سلوك رؤساء مجموعة من المجالس مما كان يتسبب في الارتجالية و العشوائية و بالتالي ضياع مصالح المواطنين اليومية سواء على مستوى تسليم الشواهد الإدارية الضرورية أو القيام بالبرامج المحلية التنموية..
ب) ضمان استمرارية أداء المرفق العام.
* نص الميثاق في هذا السياق على منع المنتخبين القاطنين خارج المملكة بسبب وظائفهم العمومية أو مزاولة أنشطتهم الخاصة من الترشح لمهام الرئيس أو المساعد و في حالة حصول ذلك فانه يعلن مباشرة عن إقالتهم بقرار من وزير الداخلية، و ذلك حفاظا على حسن سير أعمال المجلس و ضمان استمرارية أداء الخدمة لفائدة المواطنين، إذ أثبتت التجربة تعطل سريان مجموعة من المرافق في إطار اللامركزية الإقليمية أو الترابية بسبب غياب المسئولين المباشرين عن مراكزهم .
* في نفس السياق نص الميثاق على منح أعوان وموظفي الدولة أو الجماعات المحلية الذين تم انتخابهم رؤساء للمجالس الجماعية حق الأسبقية أو تسهيلات في الانتقال قرب مقر جماعاتهم دون الإضرار بالمرفق العام و حسب ضرورة المصلحة .
* عدم الجمع بين رئاستين محليتين بحيث تتنافى مهام رئيس المجلس الجماعي مع مهام رئيس مجلس العمالة أو الإقليم أو رئيس مجلس الجهة، فالتراكب في المسؤوليات كان يقود إلى تشتيت جهود الرئاسة و يجعلها دون المستوى المطلوب من التركيز و الرعاية في دراسة المشاريع و المبادرات المعروضة، حيث يطغى بدلا عنها الغياب و بالتالي عدم المسؤولية المباشرة في إدارة الملفات، إذ كنتيجة لتراكم المسؤوليات يلجأ المسئول المتعدد الرئاسات إما إلى التفويض في مهامه و ذلك في أحسن الأحوال، أو إلى أنصاف الحلول أثناء الدراسة و المعالجة
* منح موظفي و أعوان الدولة أو الجماعات المحلية الذين تم انتخابهم رؤساء للمجالس الجماعية حق الأسبقية أو تسهيلات في الانتقال قرب مقرات جماعاتهم، و كذا الاستفادة بحكم القانون من رخصة استثنائية أو إذن بالتغيب مدة يوم كامل أو مدة نصف يوم مرتين كل أسبوع
* تمتيع موظفي و أعوان الدولة أو الجماعات المحلية و المؤسسات العامة الذين يزاولون انتدابا جماعيا من رخصة استثنائية أو بإذن للتغيب
ج) الضمانات المالية للمنتخب الجماعي.
* احتفاظ المنتخب الذي تمنح له رخص بالتغيب بكامل المرتب، دون أن يدخل ذلك في حساب الرخص الاعتيادية و ذلك في حدود المدة الفعلية لدورات المجلس و اللجان الدائمة الذين هم أعضاء فيها ، و ذلك دعما لاستقلالية المنتخب و جعله متحررا من كافة الاكراهات و الضغوطات المالية سواء من طرف الجهاز الإداري المسئول عنه أو من طرف المؤسسة الجماعية التي يساهم في تدبير شؤونها، إذ أثبتت التجارب الجماعية السابقة بأن العديد من الغيابات سواء المقصودة أو الناتجة عن الإهمال أو اللامبالاة التي كانت تسجل أثناء سير أشغال هذه المجالس كانت يرجع إلى الضغوطات و الاكراهات المالية التي كان يعاني منها المستشارون .
* تمديد نظام التعويضات عن المهام و التمثيل و التنقل المقررة لفائدة أعضاء المكتب لتشمل مقرر الميزانية و كاتب المجلس.
* يتقاضى أعضاء المجالس الجماعية تعويضات عن التنقل عندما يقومون بمهام لفائدة الجماعة داخل أو خارج المملكة طبقا للشروط و المقادير المطبقة على موظفي الدرجة العليا
* إقرار مسؤولية الجماعة عن الأضرار التي تلحق المنتخبين بمناسبة انعقاد الدورات، أو اجتماعات اللجان التي هم أعضاء فيها أو أثناء قيامهم بمهام لفائدة الجماعة .
* أقر القانون رقم 78.00 كذلك مقتضيات لتحقيق استقلالية أكبر بين الرئيس و باقي المستشارين و ذلك بمنع انتخاب الأعضاء الذين هم مأجورون للرئيس بمثابة نواب له.
* و من أجل تحقيق استقلالية أكبر تم منع انتخاب الخازن الجهوي و الخازن الإقليمي و القابض الجهوي و المحصلين و القباض الجماعيين كرؤساء أو نواب للرئيس، أو أن يزاولوا هذه المهام بصفة مؤقتة داخل أية جماعة من الجماعات التابعة للجهة التي يمارسون مهامهم بها
تبقى هذه الضمانات أساسية في تحقيق الحد الأدنى من استقلال المنتخب الجماعي لكن تبقى غير كافية بالنظر إلى كتلة الرهانات التي تحدد اختيارات الجهات المسئولة مباشرة عن التدبير المالي للمجلس إذ تبقى الاعتبارات السياسية أو المصلحية الضيقة هي المهيمنة في تحديد شكل و أسلوب توزيع التعويضات و صرفها .
مع ذّلك تبقى هذه المقتضيات أساسية، و ما تحتاجه هو تحمل المسؤولية كل من موقعه، فالقضاء يجب أن يحرص على احترام مبدأ سيادة القانون في حدوده القصوى دون التأثر بالتداعيات السلبية للنسق السياسي، و الأحزاب السياسية بعملها على تخليق سلوك و ممارسات أعضائها المسئولين على تسيير المجالس الجماعية، و حرصها الشديد على منح التزكيات لمرشحين تتوفر فيهم شروط الحرية و المسئولية، و الدولة بعملها الايجابي في تحقيق التناسق بين مختلف المؤسسات الدستورية و ذلك بما يضمن تحقيق مرونة الأهداف بين الخطط و البرامج المتخذة على الصعيد الوطني و المتخذة على الصعيد المحلي .
1-2 تكوين و تأهيل المنتخب الجماعي:
لم يحض عامل تكوين و تأهيل المنتخب الجماعي من خلال قانون 78.00 بالأهمية المحورية اللازمة، بالنظر إلى كون الوضع السابق كان يشكو من:
* غياب إطار قانوني قائم الذات لتكوين المنتخب الجماعي؛
* غياب مؤسسات متخصصة في تكوين المنتخب الجماعي؛
* تواضع المجهودات المبذولة في مجال تكوين و تأطير المنتخب الجماعي على الصعيد القروي أو الحضري..
فيبقى عاملي التكوين و التأطير أساسيين في الأخذ بأسباب التنمية المحلية، فقد أثبتت البحوث و الدراسات الميدانية في المجال بان سوء التدبير الذي تعاني منه أغلب المجالس الجماعية خاصة القروية لا يرجع فقط إلى عوامل أخلاقية مرتبطة بالتحايل و التلاعب بالمال العام، و إنما كذلك إلى الجهل المركب الذي يعاني منه القائمون المباشرون على تدبير هذه المجالس الجماعية:
فإذا كانت أغلب المجالس تشكو من تعسفات سلطة الوصاية عليها، فكيف يمكن لها مراقبة حدود اختصاص هذه الأخيرة و هي تجهل الإطار القانوني الذي ينظم العلاقات بينهما؟
فهذا الجهل بالإطار القانوني المنظم للاختصاص يجعل أعضاء هذه المجالس مشلولين و لا يستطيعون الحركة إلا بعد استشارة الجهات الوصائية عليهم، فالواقع يثبت بأن مجموعة من المجالس الجماعية خاصة القروية يتحكم في تدبي كل شؤونها رجال السلطة المركزية.
و بالتالي بالنظر إلى الوضع كما هو، لا يمكن من ناحية العدالة القانونية إقصاء المواطنين الذين ليس لهم الحد الأدنى من التكوين في تدبير المجالس الجماعية، ومن أجل تحصين استقلالهم اتجاه سلطة الوصاية، فالحل يكمن في أسلوب التكوين المستمر من أجل تنمية و تطوير قدراتهم بما يحقق استقلال فعلهم وعملهم.
2- مقاربة الميثاق الجماعي للحاملين القانوني و السياسي:
من الأمور الأساسية التي استرعت الاهتمام في القانون رقم 78.00 التأكيد على الفصل بين المهام التداولية و المهام التنفيذية، و كذا توضيح الاختصاصات بشكل يساعد على توضيح المسؤوليات و تحديدها، و كذا توضيح القواعد المتعلقة بانتخاب مكاتب المجالس الجماعية و ضمان استقرارها:
2-1 الفصل بين المهام التداولية و التنفيذية:
أثبتت الممارسة الخلط الذي كان يشوب سلوك أعضاء المجالس الجماعية أثناء ممارستهم لمهام انتدابهم، إذ كانوا لا يفصلون بين المهام التداولية و المهام التنفيذية التي أقرها المشرع، مما قاد إلى التضارب و خرق مبدأ الفصل بين السلطات و بالتالي قواعد مبدأ الاختصاص، و إهدار المسؤولية، و في هذا السياق نص القانون 78.00 في مادته 23 على أنه يمنع منعا كليا على كل عضو من المجلس الجماعي باستثناء الرئيس و النواب، أن يزاول داخل دوره التداولي داخل المجلس أو اللجان التابعة له، المهام الإدارية للجماعة أو أن يوقع على الوثائق الإدارية، أو يدير أو يتدخل في شؤون المصالح الجماعية، و ذلك تحت طائلة العزل الذي يتم الإعلان عنه وفق الشكليات المنصوص عليها بالمادة 21 أعلاه دون الإخلال بالمتابعة القضائية بسبب مزاولة مهام منظمة بدون صفة قانونية.
2-2 تقنين و ضبط التفويض:
نظرا للأسباب المذكورة أعلاه و التي تشوب كذلك عملية التصرف في التفويض كإجراء قانوني لنقل الاختصاص من الجهات الأصلية إلى الجهات المشتقة أو التابعة: فقد تم حصر التفويض في المهام على مساعدي الرئيس دون باقي المستشارين مع فتح إمكانية التفويض للكاتب العام للجماعة في مجال الإشهاد على صحة الإمضاء و مطابقة نسخ الوثائق لأصولها وفي مجال أعمال التدبير الإداري الداخلي.
2-3 تحقيق استقرار المجالس الجماعية:
تعلقت هذه الإجراءات القانونية على الخصوص بتوضيح القواعد المتعلقة بانتخاب المكاتب و مدة الانتداب و ملء الشغور الحاصل به.
يبقى أهم مستجد يكمن في التخلي عن المقتضيات السابقة للفصل السابع من الميثاق و التي كانت تخول لثلثي الأعضاء المزاولين مهامهم إمكانية سحب الثقة من الرئيس بعد مرور سنتين على انتخابه، إذ أثبتت الممارسة سوء تطبيق هذه الآلية القانونية، فقد كانت تمارس على الرئاسة كوسيلة ضغط بهدف تحقيق المآرب الذاتية أو الشخصية لمجموعة من المستشارين، و استثمارها بشكل بعيد كل البعد عن تحقيق أهداف المصلحة العامة، و عليه لم يعد يتضمن القانون رقم 78.00 أي إجراء ينص على سحب الثقة من الرئيس من طرف أعضاء المجلس .
لكن إذا كان هذا الإجراء القانوني قد عمل على تحقيق استقرار الرئاسة فانه عمل في المقابل على تعطيل سير أعمال المجالس خصوصا أثناء معارضة الأعضاء للرئيس و رفضهم التصويت على قرارات المجلس، فيبقى بالتالي نفس المشكل قائما لكن بتوصيفة جديدة للفصل السابع.
2-4 التخفيف من الوصاية:
يهدف التخفيف من الوصاية إلى دعم الاستقلال المحلي للمجالس الجماعية و رؤسائها و تمثل هذا التخفيف من خلال القانون رقم 78.00 في المحاور الآتية:
** التقليص من قائمة المواد الخاضعة للرقابة القبلية؛ فعند مقارنة المادة 69 من القانون رقم 78.00 مع المادة 31 من الميثاق الجماعي المغير يتضح بأنه تم إعفاء المداولات و القرارات التالية من الخضوع للرقابة المسبقة:
* الأنظمة العامة التي تهم شؤون طرق المواصلات و البناء؛
* احتلال الملك العمومي مؤقتا من دون إقامة أبنية؛
* تحويل تخصيص البنايات الجماعية المجعولة رهن إشارة مصالح عمومية؛
* قبول أو رفض هبات و وصايا تقتضي تكاليف أو تخصيصا معينا؛
* إحداث أو حذف أو تبديل أماكن الأسواق الحضرية أو تاريخ إقامتها؛
* التدابير الفردية التي يتخذها رؤساء المجالس الجماعية في ميدان الشرطة الجماعية الإدارية.
** إحلال الرقابة المقربة محل الوصاية المركزية من خلال تكريسها بمقتضى مجموعة من التدابير أهمها:
* إسناد سلطة المصادقة على المقررات الصادرة عن الجماعات القروية إلى الولاة و العمال؛
* إقرار مبدأ التفويض للولاة أو العمال قصد المصادقة على المقررات و القرارات الخاضعة للوصاية المركزية؛
* تخويل الولاة أو العمال صلاحية المصادقة على عدد من المقررات بالنسبة لكافة الجماعات و كذا التأشيرة على القرارات التنظيمية للجماعات القروية المتعلقة بالشرطة الإدارية الجماعية و تحديد سعر الرسوم و تعرفة الوجيبات و مختلف الحقوق المستخلصة لفائدة الميزانية الجماعية.
**تخفيض آجال المصادقة:
* فيما يتعلق بتخفيض آجال المصادقة، فقد تم تقليصه بالنسبة لمقررات مجالس الجماعات الحضرية التي يصادق عليها و زير الداخلية من ثلاثة أشهر إلى 45 يوما، و حدد هذا الأجل في 30 يوما فقط بالنسبة للوالي أو العامل فيما يخص المقررات التي خول له القانون صلاحية المصادقة عليها.
و بالنسبة للقرارات التنظيمية التي يتخذها رؤساء المجالس الجماعية في مجال الشرطة الإدارية و تحديد سعر الرسوم و تعرفة الوجيبات و الحقوق المستخلصة لفائدة الجماعة، فقد حدد أجل التأشيرة عليها في 3 يوما بالنسبة لوزير الداخلية و 15 يوما بالنسبة للوالي أو العامل.
** تعميم قاعدة تعليل القرارات الوصائية:
* ألزم القانون 78.00 سلطة الوصاية بتعليل قراراتها المتعلقة برفض المصادقة أو التأشيرة المخولة إليها بمقتضى القانون.
إجراء أساسي لعقلنة سلوك الإدارة الوصية في إطار علاقتها بالمجالس الجماعية، و بما يضمن كذلك مسؤولية كل جهة متدخلة في مجال التنمية المحلية.
يشار كذلك إلى نقطة مهمة تتعلق بإعداد جدول أعمال المجلس، ففي حالة رفض رئيس المجلس الاستجابة لأي مقترح من الأعضاء يرمي إلى إدراج مسألة بجدول الأعمال، فان الرئيس يكون ملزما بتعليل رفضه و تبليغه إلى الأطراف المعنية على أن يحاط المجلس علما بذلك أثناء افتتاح الدورة.
و لمعالجة مشكل حساب النصاب القانوني عند انسحاب الأعضاء أثناء الجلسة، فان احتساب النصاب القانوني يتم عند بداية كل جلسة بحيث لا يكون لانسحاب الأعضاء بعد توفر هذا النصاب أي تأثير على مشروعية المقررات المتخذة، و بالنسبة لقاعدة الأغلبية تم احتساب نتائج التصويت بالأخذ بقاعدة الأغلبية المطلقة للأصوات المعبر عنها، و في حالة التصويت السري فان تعادل الأصوات يعتبر بمثابة رفض للمقرر.
2-5 التصدي لاستغلال النفوذ أثناء ممارسة المهام التداولية:
حرص القانون المذكور على وضع آليات في مجال ضمان نزاهة و شفافية التدبير المحلي حفاظا على الصالح العام، حيث أقر:
* منع المنتخب من ربط أية علاقة مصلحية بين شؤونه الخاصة و الشؤون ذات الطبيعة العامة..
* تمديد حالات القابلية للبطلان بسبب مشاركة عضو جماعي في مداولة تهمه بصفة شخصية أو بصفته نائبا عن غيره، لتشمل أيضا زوجه أو أصوله أو فروعه المباشرين.
3- مقاربة الإمكانيات الموضوعية و المادية لدى المجالس الجماعية:
تكمن الإمكانيات الموضوعية في مختلف الاختصاصات التي تتمتع بها المجالس الجماعية، و قد حددها القانون رقم 78.00 في:
1) الاختصاصات الخاصة؛
2) الاختصاصات المنقولة؛
3) الاختصاصات الاستشارية.
و تكمن الإمكانيات المادية في مختلف العوامل اللوجيستيكة اللازمة لترجمة مختلف المبادرات و المشاريع على مستوى أرض الواقع.
3-1 الاختصاصات الخاصة أو الذاتية:
تم توضيح و تدقيق هذه الاختصاصات و توسيعها، مما أعطى للجماعات المحلية على الأقل من الناحية النظرية مجالا واسعا للتدخل، يشمل كل الشؤون اليومية المتعلقة بالمواطنين، طالت المجالات الآتية:
* التنمية الاقتصادية و الاجتماعية، من خلال مثلا دراسة مخطط التنمية الاقتصادية و الاجتماعية للجماعة و التصويت عليه طبقا لأهداف المخطط الوطني ؛
* المالية و الجبايات و الأملاك الجماعية ؛
* التعمير و إعداد التراب ؛
* المرافق و التجهيزات العمومية المحلية: إحداث مرافق عمومية في مجالات التزود بالماء، التزود بالطاقة الكهربائية، التطهير السائل، جمع الفضلات المنزلية و النفايات و معالجتها، الإنارة العمومية، النقل العمومي الحضري، السير و الجولان و تشوير الطرق العمومية، نقل المرضى و الجرحى، الذبح و نقل اللحوم و الأسماك، المقابر و مرفق نقل الجثث؛ ثم انجاز التجهيزات ذات الطبيعة التجارية و الصناعية.. ؛
* الوقاية الصحية و النظافة و البيئة ؛
* التجهيزات و الأعمال الاجتماعية و الثقافية ؛
* التعاون و الشراكة، يقوم المجلس الجماعي بجميع أعمال التعاون و الشراكة مع جميع الأشخاص الفاعلين و المتدخلين من القطاع العام أو الخاص التي من شأنها أن تنعش التنمية داخل الجماعة، بما في ذلك الشركاء الاقتصاديين المحسوبين على المنظمات الأجنبية، من خلال اتفاقيات التوأمة و التعاون اللامركزي و كل أشكال التبادل مع الجماعات الترابية الأجنبية، بعد موافقة السلطة الوصية، و ذلك في إطار احترام الالتزامات الدولية للمملكة، و يمنع إبرام أي اتفاقية بين جماعة أو مجموعة للجماعات المحلية و دولة أجنبية .
يبقى منح هذه الاختصاصات للجماعات المحلية من الناحية النظرية جد مهم، لكن التساؤل الذي يطرح و ذلك بمقارنة الإمكانيات التي تتوفر عليها الجماعات المحلية و ما أسند إليها من اختصاصات جسيمة يكمن في:
** كيف يمكن للجماعات المحلية المتواضعة الإمكانيات في المغرب أن تنهض بكل هذه الاختصاصات التي كانت في السابق من مجال استئثار الدولة ذات الوسائل و الإمكانيات و عجزت هي نفسها عن تدبيرها؟.
3-2 الاختصاصات القابلة للنقل:
وهي التي تنقلها الدولة إلى الجماعات لتقوم بها مقامها وقد حدد القانون رقم 78.00 الميادين القابلة للنقل فيما يلي:
* إحداث و صيانة المدارس و مؤسسات التعليم الأساسي و المستوصفات و المراكز الصحية و مراكز العلاج؛
* انجاز برامج التشجير و تحسين المنتزهات الدخلة في نفوذ تراب الجماعة؛
* إحداث و صيانة المنشآت و التجهيزات المائية الصغيرة و المتوسطة؛
* حماية و ترميم المآثر التاريخية و التراث الثقافي و الحفاظ على المواقع الطبيعية؛
* انجاز و صيانة مراكز التأهيل و التكوين المهني؛
* تكوين الموظفين و المنتخبين الجماعيين؛
* البنيات التحتية و التجهيزات ذات الفائدة الجماعية .
3-3 الاختصاصات الاستشارية:
تكمن هذه الاختصاصات في تقديم اقتراحات و ملتمسات و آراء في الشؤون المحلية مثلا:
* الاقتراح على الدولة و على الأشخاص المعنوية المعنية الخاضعة للقانون العام الأعمال الواجب القيام بها لإنعاش التنمية الاقتصادية الاجتماعية و الثقافية للجماعة إذا كانت هذه العمال تتجاوز نطاق اختصاصاتها أو تفوق إمكاناتها أو الوسائل المتوفرة لديها؛
* الاطلاع مسبقا على كل مشروع تقرر انجازه من طرف الدولة أو أية جماعة أو هيئة عمومية أخرى بتراب الجماعة؛
* إبداء الرأي حول كل مشروع يتوخى انجازه فوق تراب الجماعة من طرف أية هيأة أخرى إذا كان من شأن تحقيقه أن يرتب تحملات على كاهل الجماعة أو يمس بالبيئة؛
* إبداء الرأي حول تصاميم إعداد التراب في حدود المجال الترابي للجماعة، كما يبدي رأيه حول مشاريع وثائق التهيئة و التعمير طبقا للقوانين و الأنظمة المعمول بها؛
* إبداء الرأي في السياسات التي تعتزم الدولة اتخاذها في مختلف المجالات التي لها تأثير داخل النطاق الترابي للجماعة .
0 التعليقات:
إرسال تعليق